انتهت
الجولة الأولى من الدور الأول لمونديال 2010 وقد كان الختام بالمفاجأة
الأبرز بل ربما الوحيدة التي جاءت عكس كل التوقعات وهي خسارة إسبانيا أمام
سويسرا بهدفٍ دون رد، قبلها لم تكن الدهشة كبيرة من تعادل أبطال العالم
أمام باراجواي أو إنجلترا أمام أمريكا أو حتى فرنسا مع أوروجواي وربما
كانت المفاجأة الإيجابية هي الأداء الكوري الشمالي ضد راقصي السامبا
وبالنسبة لي شخصيًا كانت المفاجأة السلبية الكبيرة هي الأداء الصربي
المتواضع أمام غانا وهي ما سأبدأ به حديثي.
لغز صربيا ...... قدرات فردية مميزة وأداء جماعي = 0غريب للغاية المنتخب الصربي، فهو
أحد أفضل المنتخبات الـ32 من حيث القدرات الفردية بل ونجومه ربما الأكثر
طلبًا في السوق الأوروبية خلال الصيف الحالي سواء كان فيديتش أو كولاروف
أو كراسيتش أو يوفانوفيتش وبجانب هؤلاء هناك ستانكوفيتش وإيفانوفيتش وهما
من أبرز نجوم الموسم الأخير في أوروبا وحتى بعض الأسماء التي لم تبرز
كثيرًا مثل زيجيتش وبانتيتش وكاسار وكوزمانوفيتش تمتلك الكثير من القدرات
الفنية والبدنية الممتازة ....... فريق بالفعل يضم عدد من المواهب الفردية
الرائعة لكنه للأسف لم يُقدم شيء أمام المنتخب الغاني وهو ومع كامل
احترامنا له ليس بالفريق المرعب ويُمكن لتلك الأسماء أن تتغلب عليه أو على
الأقل تجاريه في المباراة وليس كما رأينا.
الأسباب في ذلك تنحصر في
3 عوامل مهمة برأيي، الأول هو المدرب والذي كما يبدو لم ينجح في إيجاد
التوليفة المطلوبة للمنتخب والتي تضم المجموعة الأفضل والأكثر انسجامًا في
القالب التكتيكي الأفضل لها ... الثاني هو فترة الإعداد ومن الواضح أنه
منتخب يحتاج لفترة اعداد أطول وعدد مباريات أكثر لينسجم تمامًا ويُصبح
قادر على التحرك ككتلة واحدة دفاعًا وهجومًا .... الثالث هو التركيز
والحضور الذهني والذي يتواجد بقوة بقميص النادي لكنه غاب كثيرًا خلال
مواجهة النجوم السوداء ويبدو أن سوق الإنتقالات والتفكير به يؤثر سلبيًا
على اللاعبين وهنا يبرز دور المدرب والإتحاد واللاعبين الكبار في ظبط
الوضع داخل غرفة الملابس لإبعاد كل تلك الأمور وجعل التركيز فقط وفقط على
المونديال لأن صربيا تمتلك بالفعل جيل من الصعب أن تجد مثله مستقبلًا.
برازيل دونجا ..... أداء واقعي جميل وهناك مكان للمجتهديندائمًا ما كانت البرازيل عنوان
المتعة في كرة القدم حتى لمن لا يشجع منتخب السامبا ويميل لقميص آخر، لكن
مع دونجا إختلف الأمر قليلًا وأصبح المنتخب يلعب بواقعية أكبر بحثًاعن
البطولات والتي ما يُعتمد في التاريخ وليس الأداء الجميل الاستعراضي .....
برازيل دونجا أصبحت تدافع بشكل رائع وككتلة واحدة بل إن دفاع المنتخب يبدأ
من مهاجميه والضغط القوي على المنافس في كل مناطق الملعب وسرعة استخلاص
الكرة وسرعة الارتداد للحالة الهجومية وأيضًا سرعة الارتداد للحالة
الدفاعية وقد قال دونجا جملة لخصت فكره وعقليته التدريبية وهي "أريد من كل
لاعب أن يدافع ويهاجم" ... تلك عقلية لم تكن موجودة في البرازيل ولكنها
تتواجد الآن وبقوة ولهذا قلت وأكرر أن نقطة قوة السامبا الأبرز هي وجود
دونجا لأن المنتخب في الوقت الحالي لا يضم تلك القدرات الفردية المعتاد
عليها وحتى من يُعول عليه تراجع كثيرًا في مستواه ولم يعد ذلك اللاعب
المرعب القادر على الابتكار والابداع في أصعب المواقف ...... البرازيل إن
توجت بالمونديال فالفضل الأكبر بعد الله للمدرب صاحب العقلية التكتيكية
الممتازة والتي ربما تغضب الكثير من الجماهير.
نقطة أخرى أحب
التركيز عليها وهي المجتهدين مع البرازيل وأقصد هنا اللاعبين أصحاب
القدرات الفنية الجيدة لكن ليست السوبر كما اعتدنا برازيليًا، وفي نفس
الوقت هم اللاعبين أصحاب الأداء البدني القوي والتكتيكي المميز وربما أبرز
مثال على ذلك الثنائي فيليبي ميلو وإيلانو ..... لاعبان قد يراهما الكثير
أقل من المنتخب البرازيلي لكنهما مهمان للغاية لتنفيذ تكتيك وفكر دونجا
المتوازن وربما انتبه بعضكم للدور الكبير الذي لعبه ميلو مع المنتخب أمام
كوريا وحتى إيلانو تحرك دون كرة بشكل جيد ودعم مايكون في الجانب الأيمن
...... لكن رجاء، لا تطلبوا من الثنائي ما يفوق طاقاتهم ولا تكرروا خطأ
جماهير اليوفنتوس حين طالبت ميلو أن يكون تشافي هيرنانديز أو أندريا بيرلو.
الثقة وأخطاء دل بوسكي .... دمرت إسبانياصُعق العالم الكروي أمس بخسارة
المنتخب الإسباني أمام نظيره السويسري والصدمة الأكبر كانت بالأداء العادي
لبطل أوروبا وأبرز المرشحين للقب مونديال 2010، باعتقادي أن ذلك الأداء
كان خلفه سببان مباشران ومهمان .... الأول هو الثقة الزائدة والشعور بأن
الفوز قادم قادم وبالتالي لا حاجة لبذل المزيد من المجهود والأفضل هو
الاحتفاظ به للمباريات الاقصائية القادمة، هو شعور وصل للاعبين بعد
الاشادات الكبيرة بهم من الجميع وبعد ترشيحهم من جانب الأغلب للفوز باللقب
العالمي وكذلك لابد أن يكون للمدرب دور سلبي في عدم اخراج الفريق من تلك
الحالة خاصة بعد الفوز الكبير على بولندا في آخر مباريات الاعداد ... بل
ربما المدرب نفسه وقع ضحية ذلك الشعور بالغرور وانتقل ذلك منه للاعبين.
لكن
الثقة الزائدة وحدها لم تكن المتهمة، بل هناك الأهم والأبرز وهو المدرب
فيسينتي دل بوسكي والذي بدأ وأدار مباراة سويسرا بأسوأ شكل ممكن والملخص
في عدة نقاط ....
1- لا يمكن أن تجمع كل نجوم الفريق وتضعهم في
الميدان فهناك مراكز وقدرات تناسب المراكز وهناك انسجام وتناغم وهناك حركة
دون كرة وهناك تفضيل جبهات للاعبين وبالتالي على المدرب أن يجد التوليفة
الأفضل للفريق حتى لو ضمت لاعب أو لاعبين دون المستوى السوبر وجعلت مثلهما
خارج التشكيل الأساسي وهنا الحديث تحديدًا عن الثنائي تشافي هيرنانديز
وتشابي ألونسو ومن الواضح أن أحدهما فقط يجب أن يلعب وأيضًا الحديث عن
إنيستا وسيلفا وواضح أيضًا صعوبة تواجدهما معًا على أرض الملعب لأن كلاهما
يلعب على الجانب الأيسر وكلاهما يفضل المساحة للانطلاق.
2- الهجوم
لأي فريق لا يمكن أن يعتمد على أسلوب واحد أو جبهة واحدة وخاصة الفريق
الكبير صاحب القدرات المتعددة مثل إسبانيا، فلا يمكن أن تهاجم طوال الشوط
الأول من اليسار وتترك اليمين سلبيًا للغاية وذلك خطأ مصدره وضع سيلفا
وإنيستا في التشكيل وكان المفروض أن يلعب بدلًا من أحدهما جناح أيمن من
البداية، المشكلة أن الحل وُجد في الشوط الثاني بمشاركة نافاس لكن المشكلة
الأكبر كانت بنقل اللعب بالكامل ناحية اليمين وإهمال اليسار بشكل شبه كامل
وفي هذا مساعدة للدفاع المنافس لأنك تساعده في التركيز، إضافة لنقطة أخرى
هي غياب الهجوم من العمق وكذلك غياب التسديدات البعيدة.
3- دائمًا
ما نقول أن اللاعب الجيد الجاهز أفضل من نظيره السوبر الغير الجاهز سواء
كان السبب إصابة أو تراجع مستوى أو تشتت ذهن، وقد رأينا اليوم العكس حين
أشرك دل بوسكي مهاجمه "توريس" الغير جاهز بدنيًا مفضلًا إياه على الجاهز
يورينتي وربما ينطبق ذلك أيضًا على مشاركة إنيستا بدلًا من ماتا أو نافاس
أو بيدرو من البداية ..... أنت في بطولة عالمية يا دل بوسكي ويجب أن يشارك
بها الجاهز تمامًا.
أخيرًا أوضح أن تلك الخسارة لا تعني إخراج
إسبانيا من قائمة المرشحين للقب بل هي تبقى من أبرز الأبرز وربما كانت تلك
الخسارة لصالحها وهذا ما أراه لأنها ستشكل الصدمة التي ستُفيق الجميع من
حالة الثقة الزائدة والتراخي الكبير وستجعل تركيزهم الذهني في المستوى
والحضور المطلوب وذلك الأهم لأن قدرات الفريق البدنية والفنية ليست محل شك
أبدًا.
على الهامش ..... إيطاليا ظهرت بأفضل مما توقع
الجميع أمام باراجواي، ولهذا وجدنا الفرحة كبيرة بهدف التعادل لدي روسي،
لم تكن الفرحة بالتعادل قدر الفرحة بعدم الخسارة واستعادة الثقة وتوجيه
الرسالة للجميع وخاصة الشعب الإيطالي بأن الآدزوري جاهز وسيتطور مع الوقت
... وإن كان التطور على أساس مباراة الباراجواي فهو مُبشر للغاية.
كوريا
الشمالية لعبت مباراة ممتازة من حيث عدم الرهبة من نجوم البرازيل لكن
الكرة ليست دفاع فقط وذلك فهم خاطئ للكاتيناتشو الإيطالي، فهو دفاع قوي
للغاية لكن مع هجمات مرتدة سريعة وخطيرة ومؤثرة كما رأينا من المنتخب
السويسري اليوم وليس كما فعل المنتخب الآسيوي رغم تقديرنا لفارق القدرات
والخبرات طبعًا.
جنوب أفريقيا خرجت تقريبًا من البطولة بعد خسارتها
الثقيلة أمام الأوروجواي، صراحة لا أعلم لم البعض يراها مفاجأة فهذا هو
المنطق وهذه هي مستويات المنتخبات .... تلك المجموعة عُرف من البداية أنها
ستكون بين فرنسا والمكسيك والأوروجواي وأي منهما قادر على التأهل لأن
الثلاثة بمستويات متقاربة وبعيدة للغاية عن جنوب أفريقيا فرديًا وجماعيًا.
المنتخب
الألماني هو نجم الشباك في الجولة الأولى بعد رباعيته الرائعة في مرمى
استراليا وهو المنافس الغير سهل، الماكينات لم تنتظر كثيرًا لتدور بل كانت
البداية قوية والإنتاج رائع على الرغم من أن الجميع يقول أن البداية
دائمًا ما تكون عادية للمنتخبات الكبيرة وهو أمر رأيناه لدى أبرز الفرق
.... لكن يبدو أنها العقلية الألمانية التي لا تمتلك وقت للمزاح بل تأخذ
الأمور بجدية من البداية.